وإذا علم هذا علم عظمة التعبد بالعناية بالوحي وكذلك الاعتناء بما يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعبد بما فيه، وإذا علم أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله جل وعلا، فإنه حينئذٍ يعلم شرف ذلك العلم وفضله عند الله سبحانه وتعالى.
وقد كان السلف الصالح عليهم رحمة الله كثيراً ما يعتنون بمعرفة أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحواله، وكذلك فإن مجالس الذكر إنما هي مجالس الحلال والحرام ليست هي مجالس القصاص ونحوها، إنما هي مجالس الحلال والحرام، معرفة الفقه ومعرفة أحكام القرآن وتفسيره ونحو ذلك، فقد أخرج أبو نعيم في كتابه الحلية من حديث أبي عبد الملك قال: حدثنا يزيد بن سمرة أبو هزان قال: سمعت عطاء الخرساني يقول: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام.
وقد أخرج أيضاً أبو نعيم من حديث يحيى بن كثير قال: تعلّم الفقه صلاة، ودراسة القرآن صلاة.
فإذن إذا علم أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله سبحانه وتعالى فإنه يُعلم شرف ذلك العلم وعظمة الأجر عند الله سبحانه وتعالى لمن تتبع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتفقه فيها، وسعى في حفظها وفي معرفة صحيحها من سقيمها، والذب عنها، وهذا من أرفع الدرجات عند الله لمن رزق الاخلاص والنية الصالحة، وقد قال يحي بن يحي النيسابوري: الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله. قيل له: الرجل ينفق ماله ويتعب نفسه ويجاهد، فهذا أفضل منه؟، قال: نعم بكثير..
وقد قال ابو عبيد القاسم بن سلام: المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو عندي اليوم أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل.
وهذا يدل على فضل الجهاد كما يدل على فضل السنة حيث وقع التفضيل بينهما لعلو شأنهما في الاسلام.