ومعلوم أن الدواب إما أن تكون لها نفس سائلة كبهيمة الأنعام وإما أن تكون ليس لها نفس سائلة كسائر الحشرات ونحو ذلك.
فقوله هنا (أحل لنا دمان) وذكر النوع الأول: وهو (الكبد) فهي مباحة بإجماع أهل العلم ولم يخالف في ذلك أحد منهم.
(والطحال) كذلك قد أجمع العلماء على إباحته ولا يعلم مخالف في ذلك.
*******************************
14- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)) . أخرجه البخاري، وأبو داود وزاد (وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء) .
هذا الحديث قد أخرجه البخاري عليه رحمه الله، فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عتبة بن مسلم عن عبيد بن حنين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله في هذا الحديث (إذا وقع الذباب) :
الذباب: مفرد وجمعه ذبان , وقول العوام في جمعه ذباب ومفرده ذبّانه وهذا مخالف وإن كان قديماً وقد حكى مخالفة ذلك أبوحاتم السجستاني عليه رحمة الله , وإلا فالصحيح أن الذباب هو المفرد. والذبان هو الجمع وقد قال بعكس ذلك البعض، وأما ذبانه فليست بفصيحة.
قال ابن بطال وغيره أن الذباب سمي ذباب لأنه يذب عن الطعام ثم يعود إليه، يذب لاستقذاره.
والذباب ليس من النجاسات. فقد أجمع أهل العلم على أن كلّ ما ليس له نفس سائلة إذا وقع في شراب أو في طعام أنه لا ينجس , ولم يخالف في ذلك إلا رواية حكاها الربيع بن سليمان المرادي عن الشافعي عليه رحمة الله أنه إذا وقع شئ من الحشرات مما لا نفس له سائله في شراب أو طعام أو نحو ذلك أنه ينجس وقد حكى الإجماع على خلاف ذلك وأن كلّ ما لا نفس له سائله لا ينجس ما وقع فيه وأن الأصل فيها أنها طاهرة.