وبها استدل الذين يقولون بأن ولوغ الكلب في الإناء يدل على نجاسة الماء سواء كان كثيراً أو قليلاً وهذا قول ليس بصحيح من جهة اخذه من هذه الرواية وإن كان من جهة الغاية له وجه من الصحة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -حينما قال «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً» ، قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فليغسله سبعاً» يدل على نجاسة الإناء فالإناء من أي شئ تنجس؟

تنجس من ذلك الماء الذي هو فيه فمعلوم أن الكلب ولغ في الماء وربما لم يمس الإناء بلسانه فالماء قد نقل النجاسة إلى الإناء فأصبح نجساً وأوجب الشارع غسله سبعاً ولكن هذه الزيادة تضمنت معنيين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

المعنى الأول: هو نجاسة هذا الماء مطلقاً سواء كان قليلاً أو كثيراً، وهذا لا يسلم إلا إذا كان الماء قليلاً قلة لا تدفع النجاسه, أما إذا كان كثيراً من الأواني الكبيرة ونحو ذلك التي يصعب أن ينتشر فيها لعاب الكلب فإنه حينئذ لا تنجس لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -قد أطلق كما تقدم معنا طهورية الماء إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، أما إذا كان قليلاً كالأواني الصغيرة فإنها تنجس وإن لم يتغير شئ منها بنص النبي - صلى الله عليه وسلم -وأمره بغسل الإناء سبعاً.

وتتضمن هذه الزيادة أمراً ثانياً: وهي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بإراقة الماء وألا يستفاد منه بشيء وهذا لا يسلم لأن هذه الزيادة لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -بل يشرع الاستفادة من الماء وعدم الإسراف فيه بإضافته إلى غيره فيتكاثر فتزول النجاسة بمكاثرة الماء , ولو قلنا بصحة هذه الزيادة لوجب وجوباً عدم الاستفادة من هذه الماء وأنه يجب إراقة الماء الذي ولغ فيه الكلب وهذه الزيادة لا تصح فالعمل بهذا الأمر لا يصح.

قال المؤلف رحمه الله: وللترمذي: (أولاهن أو أخراهن بالتراب) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015