وفي إسناد هذا الخبر من المسائل ما يذكره أهل الحديث عليهم رحمة الله من قول عمرو بن دينار عليه رحمة الله: أكبر علمي، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء حدثني ... ، فقد وقع في الشك عليه رحمة الله، مع ذلك أخرج هذا الخبر الإمام مسلم عليه رحمة الله في صحيحه، مع أن عمرو بن دينار قد وقع في شيء من الشك في تحديث أبي الشعثاء له عن عبد الله بن عباس عليهما رضوان الله تعالى، وهذا الجواب عنه أن شك الثقات الحفاظ كعمرو بن دينار أنه كيقين غيرهم خاصة إذا غلب ظنهم على شيء، ولذا قال شعبة بن الحجاج شك مسعر أحب إلي من يقين غيره. وقال ذلك ايضا في ابن عون. وروي ان شعبه سأل أيوب عن حديث فقال أشك فيه فقال له شكك أحب إلي من يقين غيرك.، فإن الثقة إذا شك في أمر ومال إلى أحدهما كما في رواية عمرو بن دينار هنا يدل على شدة تحرزه وضبطه، بخلاف خفيف الضبط أو الصدوق أو من الثقات الذين ليسوا معروفين بالحفظ، وكذلك الضبط فإنه إذا شك يتوقف فيه، بل إن أهل العلم عليهم رحمة الله قد قالوا: أن الحافظ إذا حدّث بحديث عن شيخه ونفى شيخه أن يكون قد حدّثه بذلك الخبر أن حديثه صحيحا، وإن نفي الشيخ أن يكون حدثه بذلك الخبر إما أن يكون قد طرى على شيخه من النسيان أو شيء من الغفلة ونحو ذلك، وقد جاءت في ذلك روايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد فيها مثل هذا، فقد نفى بعض الشيوخ أن يكون قد حدّثوا التلاميذ مع أن التلاميذ هم من الحفاظ، وقد قبل الحفاظ رواياتهم، وقد أخرج البخاري ومسلم مثل هذا في صحيحهما، كما أخرج الإمام مسلم في مثل هذا الشك هنا في حديث عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن أبي الشعثاء عن عبد الله بن عباس عليهما رضوان الله تعالى.

***************************************

طور بواسطة نورين ميديا © 2015