وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أخبار تبين وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم كلامه من تلقاء نفسه، ومن ذلك ما أخرج الشيخان من حديث إسماعيل عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن أميه عن أبيه أنه كان يقول لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ليتني أرى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حين ينزل عليه الوحي، قال: فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة، وعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظل به عليه مع إناس من أصحابه فيهم عمر، إذ جاءه رجل عليه جبة صوف متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله! كيف ترى في رجل قد أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ قال: فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سكت، فجاءه الوحي ولم يكن حينئذٍ لدى النبي - صلى الله عليه وسلم - علماً من الله جل وعلا ووحي سابق، فأشار عمر بيديه إلى يعلى بن أميه أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه يغط ساعة ثم سرّيَ عنه، فقال: «أين الذي سألني عن العمرة؟» ، فالتُمِس الرجل فجيء به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك» ، فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه ذلك الرجل الذي قد تلبس بعمرة، جاءه ولم يكن لديه علم عما تلبس به، فإنه قد لبس المخيط وهي: الجبة وتضمخ بطيب وهما من محظورات الإحرام، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ولم يكن لدى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله جل وعلا سابق، فانتظر الوحي الذي جاءه به جبريل عليه السلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أن أخباره وأقواله وأحكامه التي يقولها ويفعلها من أمر ونهي أو فعل وترك ونحو ذلك إنما هي وحي من الله سبحانه وتعالى بل هي من كتاب الله جل وعلا، فالله سبحانه وتعالى قد قرن طاعة نبيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015