الطهور إذا جاء بالفتح (الطَهور) فالمراد به الماء بذاته، وهو الذي يُطهّر المتطهِر به، وإذا جاء بالضم فالمراد به فعل المتطهِر، ومثله: الوضوء والغسل، فإنه إذا جاء بالضم فالمراد حالة الغسل وفعل الغسل وحالة الوضوء وحال الطهارة، وإذا جاء بالفتح فالمراد به الذي يُغتسل به والذي يُتطهر به والذي يُتوضأ به، حكاه النووي عن الجمهور.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «هو الطهور ماؤه» :
وهذا كما ذكرنا هو محل إجماع عند أهل العلم، إلا ما روي من خلاف يسير عند بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه لا يعتد به في مقابل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد روي طهورية ماء البحر عن جماعة من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى ونصوا عليه، منهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كما أخرج ذلك أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه من حديث عبيد الله بن عمر عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل قال: سئل أبو بكر الصديق: أيتوضأ من ماء البحر؟ فقال: (هو الطهور ماؤه الحلال ميتته) ، وروي ذلك أيضاً عن عمر بن الخطاب، وابن عباس وابن سيرين والحسن وعكرمة وطاووس وعطاء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى طهارة ماء البحر، ولكنهم جعلوا العذب أولى منه، وألا يُلجأ إلى التطهر بماء البحر إلا عند فقدان الماء العذب، وذلك مروي عن سعيد بن المسيب، وكذلك عن النخعي كما أخرج ابن أبي شيبة من حديث شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: (إذا ألجئت إليه فلا بأس) ، يعني إذا ألجئت إلى التطهر بماء البحر فلا بأس، مما يشير إلى أنه يرى التطهر بالماء الذي ليس بمالح وإنما هو عذب، وكذلك روي عن إبراهيم النخعي كما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما عن سفيان عن الزبير بن عدي عن إبراهيم النخعي قال: (ماء البحر يجزئ، والعذب أحب إلي منه) ، إلا أن ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على التساوي بين الماء العذب وماء