فإن دراسة السنة من أهم العلوم وأفضلها وأشرفها عند الله سبحانه وتعالى، وإن من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله سبحانه وتعالى ويسعى إليه الساعون هو طلب أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك العناية بصحيحها وسقيمها، فإن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله سبحانه وتعالى، أوحاه إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل وهي قرينة للقرآن من جهة الاحتجاج، ولذا فإنه قد أجمع أهل السنة على أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله جل وعلا في كتابه العظيم، {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} ، وهذا بيان من الله سبحانه وتعالى على أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي من الله جل وعلا، وعلى هذا أهل العلم وكذلك صنيعهم دل على ذلك في مصنفاتهم، فالإمام البخاري عليه رحمة الله قد عقد أول كتاب في صحيحه: (كتاب بدء الوحي) ، إشارة إلى أن ما يليه من هذا الكتاب إنما هو وحي من الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولذا قال مشيراً إلى ذلك في كتاب التوحيد من صحيحه: (باب ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه) ، وهذا محل اتفاق عند أهل العلم أيضاً فقد أخرج الدارمي في سننه وأبو داود في كتاب المراسيل والخطيب في الكفاية والفقيه والمتفقه وابن عبد البر في كتابه الجامع والمروزي في كتاب السنة عن الأوزاعي عن حسان قال: كان جبريل ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنّة كما ينزل عليه بالقرآن.