وهذا الخبر قد تلقته الأمة بالقبول، وقد صححه جماعة من أهل العلم، كالإمام البخاري كما في علل الترمذي المفرد والترمذي وابن خزيمة والدارقطني جوده كما في علله، وكذلك البيهقي وابن عبد البر والحاكم وابن حبان وغيرهم من أهل العلم، وقد صححه جماعة من أهل العلم يزيدون على ثلاثين إماماً، ولم أرَ أحداً من أهل العلم ضعّف هذا الخبر سوى ابن دقيق العيد وابن القطان الفاسي، فإنهما قد أعلاه بسعيد بن سلمة وقالا بجهالته، فإن سعيد بن سلمة قد قال عن النسائي عليه رحمة الله: ثقة، وذكره ابن حبان في كتابه الثقات، إلا أن المجاهيل أو من هو مستور الحال عند أهل العلم لا يرد حديثه مطلقاً، وإنما يعتبر في بعض الأحوال بأحاديثه وتقوى أحاديثه ببعض القرائن، وإنما قبل أهل العلم حديث سعيد بن سلمة في هذا الخبر؛ لأن أهل العلم قد تلقوا خبره بالقبول، وشاع عندهم فكان قرينة لقبول الخبر، وأهل العلم في بعض الأحيان يعتمدون على شهرة الخبر عن الاحتجاج بالإسناد وهذا في أحوال نادرة، وأيضاً فإن الحفاظ يقوون في الأحيان أحاديث من لا يعرف فيه جرحاً ولا تعديلا، في بعض ما يرويه إذا إحتفت القرائن على صدقه بحيث لا يأتي بما ينكر، ولا يغرب بالألفاظ وقد صحح البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان وابن خزيمة والدارقطني لجماعة لم يوجد فيهم جرح ولا تعديل، وذلك بعد سبر حديثهم فوجد مستقيماً، ولا يعد هذا تساهلاً منهم، وذلك أن جهلهم بحال الراوي لا يعني جرحاً حتى يخشى من التقوية له، ومعرفة صدق الراوي وضبطه وعدالته تكون بسبر حديثه وتتبعه كما تكون بملاصقته واختباره، والتساهل إنما هو بتقوية أحاديث الضعفاء وبتصحيح خبر المجاهيل مع غرابة حديثهم ونكارته وتفردهم به مع أن احوال المجاهيل تختلف من شخص لآخر، ومن طبقة لأخرى ومن بلد لآخر، وبحسب الرواة عنهم أيضا فمجاهيل متقدمي التابعين ليسوا كمن بعدهم ومن روى عنه الشعبي وابن سيرين ليس كمن روى عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015