وكذلك فإن أبا نعيم الأصبهاني عليه رحمة الله في كتابه حلية الأولياء له شيء من الاصطلاحات في ذلك، فإنه عليه رحمة الله إذا أطلق (متفق عليه) ؛ فإنه لا يريد به في كثير من الأحيان أنه أخرجه البخاري ومسلم، وإنما يريد به أنه توفرت فيه شروط الصحة، فإنه قد أطلق هذه الكلمة (متفق عليه) في كتابه حلية الأولياء، في أحاديث ليست بنادرة أو بالقليلة، ووجدت أنها ليست في البخاري ولا مسلم عليهما رحمة الله، أو توجد في أحد الصحيحين وليست في الآخر، وهذا يدل على أن له اصطلاح غير ما اصطلح عليه بعض أهل العلم، وأخذه عمن اصطلح عليه عامة المتأخرين، فمثلاً الحافظ أبو نعيم عليه رحمة الله يورد بعض الأحاديث ويقول (متفق عليه) وليست هي في البخاري ومسلم أصلاً، منها ما أخرجه أبو نعيم في كتابه الحلية من حديث سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين» ، قال أبو نعيم عليه رحمة الله بعد إخراجه لهذا الخبر قال: صحيح متفق عليه، وهذا الخبر ليس في الصحيحين ولا في أحدهما، فإن المصنف عليه رحمة الله أراد بذلك أنه توفرت فيه شروط الصحة، وقال هذه الكلمة في غير ما خبر، منها ما أخرجه أيضاً من طريق أبي داود الطيالسي عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر قال: «آيبون تائبون لربنا حامدون» ، وهذا ليس في الصحيحين ولا في أحدهما، وإنما مراد المؤلف عليه رحمة الله في أمثال هذه المواضع أن هذه الأحاديث قد توفرت فيها شروط الصحة التي اشترطها أهل العلم، ومراده أن ذلك أعلى درجات الصحة عنده عليه رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015