يقول الله تعالى في كتابه: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا.
ويقول أيضا: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً، كَذلِكَ، لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا.
نعلم من دلالة هاتين الآيتين، ومما ثبت ثبوتا قاطعا في السنّة والتاريخ عن طريق السند الصحيح، أن القرآن لم ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جملة واحدة كما نزلت التوراة على سيدنا موسى، بل كان نزوله متدرجا، فتارة تنزل عليه الآية أو الآيتان أو ثلاث آيات، وتارة تنزل عليه سورة بجملتها، كالفاتحة، والمدّثر، وهذا معنى أنه كان ينزل منجّما، وقد ظلت آيات هذا الكتاب المبين تتتابع على مهل وتدرّج، حتى نزلت آخر آية منها قبل وفاته صلّى الله عليه وسلّم بتسع ليال. وهو قوله تعالى:
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (?).
وذلك على ما رجحه كثير من العلماء (?).