واستقم تبلغ غايتك». فسرت قُدماً فاصطدمت بأول جدار لقيته فشج رأسي وقعدت مكاني، واستدار غيري والتوى كما تستدير طرق الحياة وتلتوي فوصل.
قالت الكتب: «كن فاضلاً واحرص على مكارم الأخلاق فهي السبيل». فوجدت أهل الرذيلة هم الذين يصلون، ورأيت أسفل الناس أخلاقاً صار أستاذاً للأخلاق في أكبر مدرسة، فعجبت من سخر (?) الحياة!
وقالت الكتب: «الحق»، وقالت الحياة: «القوة» ... وقالت الكتب: «الفضائل»، وقالت الحياة: «الشهوات». وقالت الكتب ... ولكن لم يكن إلاّ ما قالت الحياة!
ونظرت إلى شارع الرشيد فإذا السيارات من كل جنس ولون، والعربات من كل شكل ونوع، والدراجات والعجلات، كلها يعدو يريد أن يصل أولاً، وكلها يزأر ويصيح ويهدد، ولكنها إذا بلغت الغاية رأت أنها لم تصل إلى شيء فعادت أدراجها تزاحم وتعدو وتصيح!
فقلت: كذلك الحياة؛ سباق وتزاحم، ولكن ما هي الغاية؟
لا شيء!
* * *