نشرت سنة 1938
[هل تذكر -يا صديقي (?) - يوم جزنا بمقبرة الدحداح ونحن طفلان يتيمان في طريقنا إلى المنزلين الصغيرين المتجاورين في «السمّانة»، فوقفنا ساعة على القبرين المتدانيين نزور أبوينا ... ثم ذهبنا مسرعَين لنودعَ آلامنا صدر الأم؟
أتذكر ما قلتَ لي يومئذ عن حبك أمك وتعلقك بها، وما قلتُ لك؟ أتذكر أننا اتفقنا على أن الحياة مستحيلة علينا بعد الأمهات، وأننا سنبقى معهن أبداً وشملنا جميع وعقدنا متصل؟
لقد كان ما ظنناه مستحيلاً. لقد ماتت أمي وأمك واحتواهما ذلك القبر الذي حوى أبوينا من قبل. وعشنا بعدهما ... لم نعد نملك منهما إلاّ دموعاً حرّى في العين وحسرات لاذعات في القلب ... لقد غابتا إلى الأبد!
«علي»]
لست أدري ما الذي يحملني على ذكر الماضي ونبش عظامه النخرة؟ وما الذي يغريني بأن أتلمّس مكان أحلامي من الواقع، وأنا أعلم أن الماضي قد ذهب بمسراته وأحزانه ولم يبقَ في يدي