نشرت سنة 1936
أولادي!
انتظروا، لا تخرجوا كتبكم ولا تفتحوا دفاتركم؛ فما جئت لألقي عليكم درساً، وإنما جئت لأودعكم لأني نُقلت من مدرستكم. إن الوداع صعب يا أولادي لأنه أول الفراق، وما آلام الدنيا كلها إلاّ ألوان من الفراق: فالموت فراق الحياة، والثّكل فراق الولد، والغربة فراق الوطن، والفقر فراق المال، والمرض فراق الصحة.
إن الوداع صعب ولو إلى الغد، فكيف إن كان المودَّع صديقاً عزيزاً، فكيف إن كان ولداً، فكيف إن كانوا أولاداً؟
أنتم أولادي، أولادي حقيقة، لا أقولها مجاملة ولا رياء ولا أسوقها كأنها كلمة تقال، ولكن تنطق بها كل جارحة فيّ وأحسها من أعماق قلبي!
ولم لا؟ ألستم تحبونني وأحبكم؟ ألم أفكر فيكم دائماً وأخَفْ عليكم؟ ألم تروني آلم إذا تألم أحدكم وأثور إذا تعدى أحد