هؤلاء هم تلاميذك، يقسمون على قبرك الطريّ أنهم ماشون على طريقك، حافظون لعهدك، محامون عن لغة القرآن التي صرمت حياتك كلها تحامي، وتربي المحامين، عنها. وما بحولنا وقوتنا، ولكن بحول الله وقوته وثقة بوعده: {إنّا نَحنُ نزّلْنا الذِّكْرَ، وإنّا لهُ لَحَافِظون}؛ فكلما فتحوا للشر باباً (من تسهيل قواعد العربية أو درس اللهجات العامية) كان هو الذي يسده، وكلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، والظفر للقرآن برغم ما هو خامد من نارهم وما هو «ساطع» (?).
يا سادة، لقد صحبت الجندي تلميذاً وزميلاً في التجهيز وفي الكلية الشرعية، وسامرته ليالي طوالاً، وكنت معه في السفر والحضر، وفي نفسي عنه ذكريات ما كشفت لكم إلاّ طرف الطرف منها، ولو أردت أن أسردها كلها لأبقيتكم هنا إلى الصباح.
لقد كانت له -على جلالة قدره- أوهام، وهل تعيش الأوهام إلاّ في القلوب الكبار؟ ومن أوهامه أنه لم يكن يطيق أن يزور مريضاً أو يعزّي بفقيد، مخافة أن يسمع باسم الموت. وهذا هو الموت قد نزل به!