والعييّ والجاهل واللص الذي يسرق مباحث الناس ويسطو على آثارهم!
إن عمادي هذا القلم، وإنه لغصن من أغصان الجنة لمن يستحقها، وإنه لحطبة مشتعلة من حطب جهنم لمن كان من أهل جهنم!
ولكن ما الفائدة من هذا الكلام؟
ما الفائدة وقد ولّى ربيع حياتي، وأدبرت أيامي، واستبدل قلبي بالأصيل المذهب ليلاً حالك السواد؟ لقد شخت حقاً، وصرت كالعجوز الذي حَطَمه الدهر وفجعه في أولاده فسيّره في مواكب وداعهم الباكية. وما أولادي إلا أمانيّ، وما قبور الأماني إلاّ القلوب اليائسة!
فيا رحمة الله على تلك الأماني!
يا رحمة الله على الأيام التي كنت فيها غراً مغفلاً أصدق كل خدّاع كذّاب يزعم أن في الدنيا فضيلة وخلقاً وأن قيمة الإنسان بما يملكه منهما! لقد خدعني المعلمون والأدباء، فلماذا أخدع تلاميذي؟ لماذا لا أقول لهم: إن المكر والكذب والنفاق هي في شرع الحياة فضائل، فأعدّوا قواكم لإصلاح المعوجّ من شرائعها، أو فانزلوا على حكمها فخاطبوها بلسانها وادخلوا من بابها؟
إن المربين والمعلمين سينكرون ذلك ويكبرونه ويرونه إفساداً لعقول الناشئة، فليكن إذن ما يريد المربون والمعلمون!
يا رحمة الله على تلك الأيام! ومن يعيدها إليّ؟ من يرجع