نشرت سنة 1936، وقد ظنها أحد الشعراء صورته هو فأودعها صدر ديوانه!
كان معروفاً بالشذوذ والخروج عن المألوف، لا يبالي -إذا اتجه له الرأي- ما يقول فيه الناس، ولا يحفل -إذا أزمع الأمر- نهْيَ ناه ولا نصيحةَ ناصح. وكان يعرف ذلك من نفسه ولا يُغضبه أن يوصف به، بل كثيراً ما سمعناه يتحدث به ويطيل الحديث، يجد في كشف دخيلته للناس لذة وارتياحاً، كأنما هو يلقي عن عاتقه حملاً ثقيلاً.
يجمع في نفسه المتناقضات: فبينا هو منغمس في لج الحياة المضطربة المائجة يفزع من الوحدة، ويكره الهدوء، ويركب متن المغامرات في الأدب وفي السياسة، يخطب في المجامع ويناقش في الصحف، وبينما هو مطمئن إلى هذه الحياة مقبل عليها، إذا به قد استولت على نفسه «فكرة صوفية»، فغمرت الكآبة روحه، وفاض اليأس على قلبه، وأحس الحاجة إلى الفرار من الناس والرغبة في العزلة المنقطعة، وأصبح يكره أن يرى أمسَّ أصحابه به وأدناهم إلى قلبه، ويحب الحياة الساكنة الهادئة، ويجد الأنس في حديث قلبه ومناجاة ربه.