«الرسالة» من فضل عليّ، وكم من الفضل لهؤلاء الأدباء الذين يستطيعون أن ينقلوني من دنياي هذي الضيقة إلى دنيا واسعة تطير روحي في أجوائها حرة طليقة، أمثال الرافعي ومعروف والزيات! فهل يدري الزيات، أو هل يدري معروف الأرناؤوط، أني طالما أصرمت الليالي الطويلة في فرتر ورفائيل (?) وسيد قريش وعمر ابن الخطاب (?) وأني طالما لجأت إليها أقرع أبوابها وأتوارى وراء أسوارها في جنان سحرية، لا أستطيع أن أصفها بأكثر من إعلان العجز عن وصفها؟ فأيّ عالم في رأس معروف، وأيّ دنيا في صدره؟ وأيّ نبل وسمو في هذه اللغة، لغة معروف ولغة الزيات ولغة الرافعي، هذه التي تتيه بجواهرها ولآلئها، على حين تمشي لغات كتاب العصر بأسمالها البالية ومزقها المخرَّقة ... لغة فخمة تشعرك بالسيادة والعظمة، لا كهذه اللغات الهزيلة العارية.
وكم من الفضل لهيكل عليّ، فلقد سلخت في قراءة كتابه «منزل الوحي» أياماً كنت أعيش فيها في عهد النبوة، ولقد مررت