صلوات الله وسلامه عليهم- وإلا فإن كان في بعض الأئمة الأعلام نقص ففينا عيوب وعيوب، فنسأله سبحانه العصمة من الزلل، ونعوذ به من سوء العمل.

وأَلْفِتُ نظر القارئ إلى أمر ضروري، وهو أن الحكم على الراوي أَحياناً يستلزم استقراء رواياته وتتبعها في كتب الحديث، لاختبارها بروايات الثقات، ومعرفة أوهامه، وهو عنصر في البحث لم أستطع تحقيقه لما يستلزم من جهد كبير جداً في الراوي الواحد، ووقت طويل، ومراجع كثيرة كذلك، مع أنه ضروري في بعض الرواة فتراني أَحياناً أتوقف في الحكم على الراوي لاحتياج ذلك إلى استقراء رواياته واختبارها بما رواه الثقات، وأَحياناً أجتهد في تقدير الحكم فيه بمجرد النظر إلى أقوال الأئمة فيه بما يفهم من ألفاظهم.

وشيء آخر، وهو أن الحكم على الراوي ليس حكماً على كل حديث جاء من طريقه، فقد يكون فيه ضعف يتقوى بمجئ حديثه من طريق آخر، ونحو ذلك، فلهذا لا يجوز أن يعتمد على كل جرح في راوٍ ما من رواة البخاري ومسلم مثلاً في تضعيف ما أخرجاه عنه، لأن الحديث عندهما صحيح، فلم يخرجا رحمهما الله في صحيحيهما حديثاً ينزل عن رتبة الاحتجاج به، ولهذا نرى بعض الأحاديث في الصحيحين بعد البحث أنها في مرتبة "الحسن" أي تنزل عن درجة "الصحيح"، لكن هذا بحسب ما يظهر لنا مما نقل في الراوي، أما عندهما فإنه في رتبة "الصحيح"، لما عندهما من الطرق الأخرى، ولاطلاعهما على حال من رويا عنه، ولاجتهادهما في الحكم في الراوي، والترجيح بين الجرح والتعديل، ولاشك في أن قولهما مقدم على غيرهما في هذا الفن الذي هما فرسا رهانه، وليسا بمعصومين، ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015