ثم قال الزجاج: "فما قرئ عليه كتاب الفصيح بعد ذلك علمي، ثم بلغني أنه سئم ذلك، فأنكر كتاب الفصيح أن يكون له"1.
وهم يصفون ثعلبا بغزارة الحفظ، لكنه "لم يكن مع ذلك موصوفا بالبلاغة، فإذا كتب كتابا إلى بعض أصحاب السلطان ما خرج عن طبع العامة"2.
في أكثر هذه الأخبار مجال لمن شك فيها أو توقف، فما فاز فيه الكسائي على خصمه عرفناه من رواية أنصاره الكوفيين, فراوي خبر الأصمعي والكسائي ثعلب وهو من أئمتهم، وراوي خبر سيبويه والكسائي هو الفراء تلميذ الكسائي، وراوي خبر اليزيدي هو اليزيدي نفسه, ولم نسمع رواية الطرف الآخر ممن شاهد الوقائع. ومع هذا نستطيع اعتبارها واقعة كما رووها لنا ونمضي في بحثنا جاعلين عدم نقض البصريين لهذه الرواية -فيما علمنا- إقرارا منهم بمضمونها. ونلاحظ بعد ذلك الأمرين الآتيين:
1- لا يحتاج القارئ إلى كثير روية حتى يطمئن إلى أن الحق في كل هذه المناظرات كان بجانب البصريين: الأصمعي, وسيبويه، واليزيدي، والمبرد؛ وأن حجج الكوفيين في هذه المسائل واهية.