قياسك فقلت: "جني" جمعت بينه وبين المنسوب إلى الجن، وإن قلت: "جناني" رجعت عن قياسك وجمعت بين ثلاث نونات".

ثم تفاوضنا إلى أن قلت له: "كيف تقول: إن من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم بتة زيد؟ " فأطرق مفكرا وأطال الفكرة فقلت: "أصلح الله الأمير، لأن يجيب فيخطئ فيتعلم أحسن من هذه الاطالة". فقال: "إن من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم بتة زيدا" فقلت: "أخطأ أيها الأمير" قال: "وكيف؟ " قلت: "لرفعه قبل أن يأتي باسم إن، ونصبه بعد الرفع، وهذا لا يجيزه أحد".

فقال شيبة بن الوليد عم ذفافة متعصبا له: "أراد بـ "أو": بل" فقلت: "هذا لعمري معنى"، فلقنه الكسائي فقال: "ما أردت غيره". فقلت: "أخطأتما جميعا؛ لأنه غير جائز أن يقال: إن من خير القوم وأفضلهم، بل خيرهم زيدا" فقال المهدي: "يا كسائي، ما مر بك مثل اليوم". قال: "فكيف الصواب عندك؟ " فقلت: "إن من خير القوم وأفضلهم أو خيرَهم بتة زيد، على معنى تكرير إن". فقال المهدي: "قد اختلفتما وأنتما عالمان، فمن يفصل بينكما؟ " قلت: "فصحاء العرب المطبوعون" فبعث إلى أبي المطوق، فعملت أبياتا إلى أن يجيء، وكان المهدي يميل إلى أخواله من اليمن "وابن منصور الحميري حاضر" فقلت:

يا أيها السائلي لأخبره ... عمن بصنعاء من ذوي الحسب

حمير ساداتها تقر لها ... بالفضل طرا جحاجح العرب

فإن من خيرهم وأفضلهم ... أو خيرهم بتة أبو كرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015