أفعلهم" جاز في "ما أفعله، وأفعل به" لأنهما بمنزلة واحدة في هذا الباب، وقد قال الشاعر:
جارية في درعها الفضفاض ... تقطِّع الحديث بالإيماض
أبيض من أخت بني إباض1
فقال: "أبيض" وهو "أفعل" من البياض، وإذا جاز ذلك في "أفعل من كذا" جاز في "ما أفعله، وأفعل به" لأنهما بمنزلة واحدة في هذا الباب، ألا ترى أن ما لا يجوز فيه "ما أفعله" لا يجوز فيه "أفعل من كذا" وكذلك بالعكس منه، ما جاز فيه "ما أفعله" جاز فيه "أفعل من كذا" فإذا ثبت أنه يمتنع في كل واحد منهما ما يمتنع في الآخر، ويجوز فيه ما يجوز في الآخر دل على أنهما بمنزلة واحدة، وكذلك القول في "أفعل به" في الجواز والامتناع، فإذا ثبت هذا فوجب أن يجوز استعمال "ما أفعله" من البياض.
وأما القياس فقالوا: إنما جوزنا ذلك من "السواد، والبياض" دون سائر الألوان؛ لأنهما أصلا الألوان، ومنهما يتركب سائرها من الحمرة والصفرة والخضرة والصهبة والشهبة والكهبة2 إلى غير ذلك، فإذا كانا هما الأصلين للألوان كلها جاز أن يثبت لهما ما لا يثبت لسائر الألوان؛ إذ كانا أصلين لها، ومتقدمين عليها.