صيانة الدين من جهة ثانية، إذ كانت سلامة أحكامه موقوفة على حسن فهم المستنبط لنصوص القرآن الكريم والحديث الشريف, وكان في ضعف العربية تضييع لهذا الفهم.
بحث علماء العربية فيمن نقل الرواة عنهم من أهل المدر والوبر قدماء ومحدثين, وتقصوا أحوالهم ونقدوها، فاجتمعوا على الاحتجاج بقول من يوثق بفصاحته وسلامة عربيته، ونحن عارضون لأصناف هؤلاء زمانا ومكانا وأحوالا.
فأما الزمان, فقد قبلوا الاحتجاج بأقوال عرب الجاهلية وفصحاء الإسلام حتى منتصف القرن الثاني سواء أسكنوا الحضر أم البادية. أما الشعراء فقد صنفوا أصنافا أربعة: جاهليين لم يدركوا الإسلام, ومخضرمين أدركوا الجاهلية والإسلام، وإسلاميين لم يدركوا من الجاهلية شيئا، ومحدثين أولهم بشار بن برد1. وشبه الإجماع انعقد على صحة الاستشهاد بالطبقتين الأوليين واختلفوا في الطبقة الثالثة، وذهب عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الأدب إلى جواز الاستشهاد بها2 أما الطبقة الرابعة فلا يستشهد بكلامها في علوم اللغة والنحو والصرف خاصة، وكان آخر من يحتج بشعره على هذا الأساس بالإجماع إبراهيم بن هرمة "70-150هـ" الذي ختم الأصمعي به الشعر3. أما