وفي تغيير السياق في قوله من آية طه (ومن آناء الليل) ، إيذان بأن العبادة في هذه الأحيان هي أيضاً من الأمور المرضية لله سبحانه لاجتماع القلب وهدوء الرجل والخلو بالرب، ولأن العبادة إذ ذاك أشق وأدخل في التكليف كانت كذلك أفضل عند الله، وإنما جاء الجزاء بكلمة الإطماع (لعلك ترضى) ولم يجئْ بما يفيد اليقين أو يدل على الجزم، لئلا يأمن مكر الله، وذلك لما كان الغالب على الإنسان النسيان وكان الرجاء عنده أوفر، والمعنى: كن على ذُكر من ربك وسبح بحمده في هذه الأوقات بالذات، رجاء أن يدوم رضاك بهذا المقدار الواجب من الصلوات والتسبيحات دون زيادة رفقاً بك وبأمتك (?) فتنعم في ذلك الجوار الرضي وتطمئن في ذاك الحمى الآمن بما تنال في الدنيا من ثواب، تسبب فيه اجتهادك في الطاعة وإظهارك دين الله وإعلاؤك أمره (?) ، وفي ذلك - بالطبع - من الثواب ما يؤهلك ويجعلك تستحق ما ادخره الله لك في الآخرة من شفاعة ودرجة عالية، وهو في معنى قوله: (ولسوف يعطيك ربك فترضى.. الضحى/5) ، وقوله: (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً.. الإسراء/79) ، وكذا ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس: (لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته وخبّأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة) ، وقوله تعالى على لسان جبريل عندما بكى - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو قول الله تعالى في سورة إبراهيم (رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه منّي ومن عصاني فإنك غفور رحيم.. إبراهيم/36) ، وقوله في عيسى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم.. المائدة /118) : قل له يا جبريل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015