ولما تكفل هذا الكلام من التثبيت بإنجاز المرام أمر بالإعراض عن ارتقاب النصر والاشتغال بتهذيب النفس موجهاً الخطاب إلى أعلى الخلق ليكون من دونه من باب الأولى فقال (واستغفر لذنبك) أي من كل عمل كامل ترتقي منه إلى أكمل، وحال فاضل تصعد به إلى أفضل (?) فيكون ذلك شكراً منك فتستن به أمتك، ولما أمره بالاستغفارعند الترقية في درجات الكمال أمره بالتنزيه عن كل شائبة، والإثبات لكل رتبة كمال، لافتاً القول إلى صفة التربية والإحسان، لأنه من أعظم مواقعها فقال: (وسبح بحمد ربك) لكونه المحسن إليك المربي لك فلا تشتغل عنه بشيئ، وإنما "جعل الأمران معطوفين على الأمر بالصبر لأن الصبر هنا لانتظار النصر الموعود ولذلك لم يؤمربه لما حصل النصر في قوله: (إذا جاء نصر الله والفتح) فقد اكتفى بقوله (فسبح بحمد ربك واستغفره) لأن ذلك مقام محض الشكر دون الصبر" (?) .
وفي أمره - - صلى الله عليه وسلم -بالاستغفار تعريض بأن أمته مطالبون بذلك بالأحرى فهو أشبه ما يكون بقوله: (ولقد أوحى إليك وإلى الذين قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك.. الزمر/65) ، وفي الأمر به وبالتسبيح دلالة على أنهما داخلان في سياق التفريع على الوعد بالنصر إيذاناً بتحقيقه وكناية رمزية عن كونه واقع لا محالة (?) .