فمن هَذَا يظهر أن حال يحيى يصلح للمتابعة والاعتضاد، لاسيما وَقَدْ نص العلماء عَلَى عدم اشتراط أعلى مراتب الثقة في المُتابِع (?) . أما قَوْل ابن معين: ((لا أعرفه)) ، فأراد بِهِ غَيْر المتبادر إلى الذهن وَهُوَ جهالة العين، فَقَدْ عنى جهالة الحال (?) ولذا قَالَ العراقي – كَمَا نقلناه آنفاً –: ((قَدْ عرفه غيره)) .
وبهذا تظهر صحة متابعة يحيى بن المتوكل لهمام، وعدم صحة دعوى تفرد همام بالمتن والإسناد، فيتجه الحمل – والحالة هَذِهِ – إلى من فوقه وَهُوَ ابن جريج، وَهُوَ مدلس (?) .
والذي يبدو أن الخطأ في هَذَا الْحَدِيْث من ابن جريج، ولاسيما أن ابن المتوكل وهماماً بصريان (?) ، وَقَدْ نص العلماء عَلَى أن رِوَايَة البصريين عن ابن جريج فِيْهَا خلل من جهة ابن جريج لا من جهة أهل البصرة (?) .
وبيانه: أن ابن جريج دلّس للبصريين الواسطة بينه وبين الزهري، وَهُوَ زياد بن سعد، وصرّح بِهِ لغيرهم. كَمَا أنه – وعند تحديثه لأهل البصرة – لَمْ يَكُنْ متقناً لحفظ الْمَتْن فأخطأ فِيْهِ، لذا قَالَ النسائي عقب تخريجه: ((هَذَا حَدِيْث غَيْر محفوظ)) (?) .
فانحصر الخطأ في تدليس ابن جريج، ولهذا نجد الحافظ ابن حجر يقول: ((ولا علة لَهُ عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عَنْهُ التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي)) (?) .