يخْتَلف النَّاس فِي النّظر إِلَى علاقَة الْبِنْت بوالديها بعد الزواج: فَمنهمْ من يرى أَنه يجب على الْأَبَوَيْنِ أَن يتْركُوا الْبِنْت وشأنها بعد الزواج لدرجة أَن علاقتهم بهَا شبه مَقْطُوعَة فَلَا تزاور من طرف الْأَهْل، بزعمهم أَن هَذَا أدعى لسعادتها الزَّوْجِيَّة واستمرار العلاقة بَينهَا وَبَين زَوجهَا وَأَهله.
وَفِي الْمُقَابل نجد أَن هُنَاكَ من الْأسر من يتدخل فِي حَيَاة ابنتهم بشكل مبَاشر فيتطلعون إِلَى معرفَة كل صَغِيرَة وكبيرة فِي حَيَاة ابنتهم، وَلِهَذَا التدخل سلبياته الَّتِي تُؤدِّي إِلَى إِفْسَاد الْحَيَاة الزَّوْجِيَّة، لدرجة قد تصل إِلَى الطَّلَاق! فَمَا هُوَ الْهَدْي النَّبَوِيّ فِي هَذَا الْجَانِب من حَيَاة الْبَنَات؟.
كَانَ النَّبِي –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- يزور بَنَاته بعد الزواج وَيدخل عَلَيْهِنَّ الْفَرح وَالسُّرُور، فقد زار النَّبِي –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- فَاطِمَة –رَضِي الله عَنْهَا– بعد زواجها ودعا لَهَا ولزوجها بِأَن يعيذهما الله وذريتهما من الشَّيْطَان الرَّجِيم1.
وَلم يكن يشْغلهُ –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- عَن بَنَاته –رَضِي الله عَنْهُن– شاغل بل كَانَ يفكر فِيهِنَّ وَهُوَ فِي أصعب الظروف وأحلكها فعندما أَرَادَ النَّبِي –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- الْخُرُوج لبدر لملاقاة قُرَيْش وَصَنَادِيدهَا كَانَت رقية –رَضِي الله عَنْهَا– مَرِيضَة فَأمر النَّبِي –صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- زَوجهَا عُثْمَان بن عَفَّان -رَضِي الله عَنهُ- أَن يبْقى فِي الْمَدِينَة؛ ليمرضها وَضرب لَهُ بسهمه فِي مَغَانِم بدر وأجره عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة 2.
وَيجب على الْأَب أَن يحافظ على بَيت ابْنَته وسعادتها مَعَ زَوجهَا وَأَن يتدخل إِذا لزم الْأَمر ويحرص على الْإِصْلَاح بَينهَا وَبَين زَوجهَا بشكل يضمن إِعَادَة الصفاء إِلَى جو الأسرة.
فقد حدث أَنه كَانَ بَين عَليّ بن أبي طَالب -رَضِي الله عَنهُ- وَزَوجته فَاطِمَة