المبادئ الهدامة التي يدعو إليها أصحاب الأهواء، والمتيقظ لخطر تلك العقائد الدخيلة على الإسلام والمسلمين، والتي أدخلها عليهم أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة، وما تؤدي إليه من فساد في الاعتقاد وفساد في الدين وفساد في الأخلاق.
إنه في تلك الأبيات الوجيزة يتبرأ من عقائد الرافضة والخوارج والجهمية والمعتزلة والقدرية والفلاسفة، ويبين فساد مقالاتهم ومذاهبهم وفيما نقلناه من النصوص عنه يصرح ببطلان هذه العقائد المنحرفة، ويتبع ذلك بحكمه بكفر أهلها ممن قامت عليهم الحجة، فهو كغيره من السلف يصرح بتكفير الجهمية والرافضة وغلاة القدرية وغلاة المرجئة.
ثم هو في أثناء ذلك لا يغفل عن بيان منهج أهل السنة والجماعة في الإيمان بالله بأسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، والوقوف عند نصوص الكتاب والسنة والتسليم لهما، وعدم تقديم العقل عليهما، أو تحكيمه فيهما، وفي احترام الصحابة والترضي عنهم وعدم الخوض فيما جرى بينهم، وكان يحذر من الرواية عمن يسبهم رضي الله عنهم، روى ذلك الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن علي بن شقيق قال: سمعت ابن المبارك يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت، فانه كان يسب السلف1.
ثانياً: جهاده:
كانت حياة ابن المبارك كلها جهاداً في سبيل الله بنفسه وماله وعلمه. فكان رحمه الله يرابط في الثغور كثيراً، وكان يحج عاماً ويغزو عاماً،