(فأما ستر الحيطان بستور غير مصورة فإن كان لحاجة من وقاية حر أو برد فلا بأس به. لأنه يستعمله في حاجته فأشبه الستر على الباب وما يلبسه على بدنه –وإن كان لغير حاجة فهو مكروه وعذر في الرجوع عن الدعوة (يعني إلى الوليمة) وترك الإجابة. بدليل ما روى سالم بن عبد الله بن عمر قال: أعرست في عهد أبي أيوب فآذن أبي الناس فكان أبو أيوب فيمن آذن وقد ستروا بيتي بخباء أخضر. فأقبل أبو أيوب مسرعاً فاطلع فرأى البيت مستتراً بخباء أخضر. فقال: يا عبد الله أتسترون الجدر، فقال أبي –واستحيا- غلبتنا النساء يا أبا أيوب، فقال: من خشيت أن يغلبنه فلم أخش أن يغلبنك- ثم قال: لا أطعم لكم طعاماً، ولا أدخل لكم بيتاً. ثم خرج. رواه الأثرم.

وروي عن عبد الله ابن يزيد الخطمي أنه دعى إلى طعام فرأى البيت منجداً فقعد خارجاً وبكى. قيل له: ما يبكيك- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد رقع بردة له بقطعة أدم فقال: تطالعت عليكم الدنيا –ثلاثاً- ثم قال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى. وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة.

قال عبد الله: أفلا أبكي وقد بقيت حتى رأيتكم تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة. وقد روى الخلال بإسناده عن ابن عباس وعلي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تستر الجدر، وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا فيما رزقنا أن نستر الجدر. انتهى.

الوجه الثامن: قوله: وإنا لنجد فوق ذلك منهم من يعد قول المسلم سيدنا محمد بدعة، لا تجوز ويغلون في ذلك غلواً شديداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015