وقد أجازوه في مروياتهم وعلومهم وقد ناظر ودرس وأفتى وألف في الفقه والحديث والعقيدة، حتى نال إعجاب من اجتمع به أو استمع إلى دروسه ومناظراته أو قرأ شيئاً من مؤلفاته، ومؤلفاته تدل على سعة أفقه وإدراكه في علوم الشريعة وسعة اطلاعه وفهمه. ولم يقتصر فيما ذكر في تلك المؤلفات على كتب ابن تيمية –كما يظن هذا الجاهل أو المتجاهل- بل كان ينقل آراء الأئمة الكبار في الفقه والتفسير والحديث، مما يدل على تبحره في العلوم وعمق فهمه ونافذ بصيرته. وها هي كتبه المطبوعة المتداولة شاهدة بذلك –والحمد لله. ولم يكن رحمه الله يأخذ من آراء شيخ الإسلام ابن تيمية ولا من آراء غيره إلا ما ترجح لديه بالدليل- بل لقد خالف شيخ الإسلام في بعض الآراء الفقهية.
3- ثم قال عمن أسماهم بالوهابية: وأنهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئاً عما جاء به ابن تيمية ولكنهم شددوا فيها أكثر مما تشدد ورتبوا أموراً علمية لم يكن قد تعرض لها ابن تيمية لأنها لم تشتهر في عهده ويتلخص ذلك فيما يأتي:
(1) لم يكتفوا بجعل العبادة كما قررها الإسلام في القرآن والسنة، وكما ذكر ابن تيمية، بل أرادوا أن تكون العبادات أيضاً غير خارجة على نطاق الإسلام فيلتزم المسلمون ما التزم1، ولذا حرموا الدخان وشددوا في التحريم حتى أن العامة منهم يعتبرون المدخن كالمشرك، فكانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب.