ثناء العلماء عليه: قال أيوب بن المتوكل: كنا إذا أردنا أن ننظر إلى الدين والدنيا ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي، كان شبيهاً بالإمام مالك.
يعني: أنه له مكانة وعز وسعة في الدنيا والدين.
وقال محمد بن أبي بكر المقدمي: ما رأيت أحداً أتقن لما سمع ولما لم يسمع وبحديث الناس من عبد الرحمن بن مهدي، إمام ثبت، أثبت من يحيى بن سعيد -يعني: القطان، وهو قرينه- وأتقن من وكيع، كان عرض حديثه على سفيان.
يعني: الثوري، لأن ابن مهدي من علماء البصرة، والله أعلم.
قال ابن حبان: وكان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث، وأبى الرواية إلا عن الثقات.
وقال محمد بن سعد: وكان ثقة كثير الحديث.
وعن خالد بن يزيد المخرمي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كأن عبد الرحمن بن مهدي خلق للحديث.
وعن زياد بن أيوب قال: كنا في مجلس هشيم، فلما قام أخذ أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وخلف بن سالم بيد فتى أمنَّا، فأدخلوه مسجداً وكتبوا عنه وكتبنا، فإذا هو عبد الرحمن بن مهدي.
وعن الحسن بن محمد بن الصباح قال: أخبرني غير واحد أنهم كانوا عند حماد بن زيد فسئل عن مسألة فقال: أين ابن مهدي؟ من لهذا إلا ابن مهدي؟ قال: فأخبر عبد الرحمن فسأله عن ذلك فأجاب، فلما قام من عنده قال: هذا سيد -أو فتى البصرة- منذ ثلاثين سنة، أو نحو هذا.
وعن علي بن المديني قال غير مرة: والله لو أخذت فحلفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أني لم أر قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي.
وعلي بن المديني هو إمام زمانه.
وقال أيوب بن المتوكل: كان حماد بن زيد إذا نظر إلى عبد الرحمن بن مهدي في مجلسه تهلل وجهه.
وفي بعض الأحيان إذا كان يوجد في مجالس الشيوخ بعض المجتهدين فإنهم يفرحون بوجودهم، ويعرفون أن لهم شأناً، كما كان الإمام أحمد، فقد كانوا يقولون: كاد أن يكون إماماً في بطن أمه، وكان مرة في مجلس يزيد بن هارون -وهو شيخه- فمزح مع مستمليه فتنحنح الإمام أحمد، فقال: من المتنحنح؟ فقالوا: أحمد بن حنبل، فقال: هلا أخبرتموني؟ يعني: حتى لا أمزح.
فأحياناً يكون للطالب مكانة وهيبة، كما كان بعض شيوخ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري يقول -والإمام البخاري ما زال فتى-: إذا دخل علي هذا الفتى لا أزال في رعب حتى يخرج؛ لأنه كان يأخذ السقطات عن الكبار، فكان يرعب منه الشيخ حتى لا يأخذ عليه خطأً حتى ينصرف.
وقال محمد بن عبد الرحيم صاعقة والصاعقة لقب له، ولقب به لأنه كان صاعقة في الحفظ-: سمعت علياً -يعني: ابن المديني - وذكر الفقهاء السبعة، فقال: كان أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب ثم من بعده مالك ثم من بعده عبد الرحمن بن مهدي.
وقال الخطيب البغدادي: هو بصري، قدم بغداد وحدث بها، وكان من الربانيين في العلم، وأحد المذكورين في الحفظ، وممن برع في معرفة الأثر وطرق الروايات وأحوال الشيوخ.