عن أبان بن أبي نجيح عن أبيه أن طاوساً قال له -أي: قال لـ أبي نجيح -: من قال واتقى الله خير ممن صمت واتقى الله.
يعني: من يتقي الله وينصح الناس أو يعلمهم فيجمع بين التقوى وبين تعليم الناس أفضل ممن صمت واتقى الله.
وعن هشام بن حجير عن طاوس قال: لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج.
أي: لا تتم عبادته حتى يتزوج.
وعن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قاله عمر بن الخطاب لـ أبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
وعن سفيان قال: سمعت طاوساً يقول: لا يحرز دين المرء إلا حفرته.
أي: إنه طوال حياته في الدنيا معرض للفتن، فإذا ختم له بخير وصار إلى قبره فإنه يأمن بذلك من الوقوع في الفتن أو من أن يفتن، فقد أراد الشيطان أن يفتن إمام المسلمين أحمد بن حنبل فكان يقول له: فُتَّني يا أحمد! فتني يا أحمد! وهو في السياق، فكان يقول: لا بعد، لا بعد.
فكان يريد أن يصاب بعجب أو بشيء من ذلك عند الموت فيهلك، فقال: لا بعد، لا بعد.
أي: ما دام في الدنيا فهو ما يزال في دار البلاء والفتن.
وعن ابن طاوس عن أبيه قال: البخل: أن يبخل الإنسان بما في يديه.
والشح: أن يحب الإنسان أن يكون له ما في أيدي الناس.
فالشح: شدة المحبة للمال والتطلع إلى الحرام، فلا يكفيه ما أحل الله عز وجل، بل يتطلع إلى ما حرم الله عز وجل، والبخل: أن يبخل الإنسان بما في يديه.
وعن ابن طاوس عن أبيه قال: كان رجل له أربعة من البنين -وهذه القصة لعلها عن الأمم السابقة من كتب أهل الكتاب أو سمعها من أحد من المتقدمين- فمرض، فقال أحدهم: إما أن تمرضوه -أي: تعالجوه- وليس لكم من ميراثه شيء، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء.
قالوا: مرضه وليس لك من ميراثه شيء، قال: فمرضه حتى مات ولم يأخذ من ميراثه شيئاً، قال: فأتي في المنام فقيل له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه (100) دينار، فقال في نومه: أفيها بركة؟ قالوا: لا، قال: فأصبح فذكر ذلك لامرأته، فقالت امرأته: خذها، فإن من بركتها أن نكتسي منها، فأبى، فلما أمسى أتي في النوم فقيل له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير، قال: أفيها بركة؟ قالوا: لا، فلما أصبح قال ذلك لامرأته فقالت له مثل مقالتها الأولى، فأبى أن يأخذها، فأتي في الليلة الثالثة فقيل له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه ديناراً، فقال: أفيه بركة؟ قالوا: نعم، قال: فذهب فأخذه ثم خرج إلى السوق فإذا هو برجل يحمل حوتين -أي: سمكتين- فقال: بكم هما؟ قال: بدينار.
قال: فأخذهما منه بدينار ثم انطلق بهما، فلما دخل بيته شق بطنهما فوجد في بطن كل واحدة منهما درة لم ير الناس مثلها.
قال: فبعث الملك يطلب درة يشتريها فلم توجد إلا عنده، فباعها بوقر ثلاثين بغلاً ذهباً، فلما رآها الملك قال: ما تصلح هذه إلا بأختاً اطلبوا أختها وإن أضعفتم -أي: الثمن- قال: فجاءوا فقالوا: أعندك أختها ونعطيك ضعف ما أعطيناك؟ قال: وتفعلون؟! قالوا: نعم، فأعطاهم إياها بضعف ما أخذوا الأولى.
وهذه القصة ذكرت في حليلة الأولياء، والله أعلم بسندها.
وعن ابن طاوس عن أبيه قال: لقي عيسى عليه السلام إبليس فقال: أما علمت أنه لا يصيبك إلا ما قدر لك؟ قال: نعم، قال: فارق ذروة هذا الجبل فتردى منه فانظر أتعيش أم لا؟ قال: عيسى عليه السلام: إن الله يقول: لا يجربني عبدي؛ فإني أفعل ما شئت.
ورواه معمر عن الزهري، وفيه: فقال: إن العبد لا يبتلي ربه، ولكن الله يبتلي عبده، قال: فخصمه.
وعن طاوس قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه.
ولما كان الإمام أحمد في مرض موته يئن قيل له: إن طاوساً كان يكره الأنين، فما أنّ حتى مات.
وعن أبي عبد الله الشامي قال: استأذنت على طاوس لأسأله عن مسألة فخرج علي شيخ كبير فظننته هو فقال: لا، أنا ابنه، قلت: إن كنت ابنه فقد خرف أبوك، قال: تقول ذاك؟! إن العالم لا يخرف.
قال: فدخلت فقال لي طاوس: سل وأوجز، وإن شئت علمتك في مجلسك هذا القرآن والتوراة والإنجيل.
قلت: إن علمتني إياهن لا أسألك عن شيء، قال: خف الله مخافة لا يكون شيء عندك أخوف منه، وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه، وأحب للناس ما تحبه لنفسك.