زهده وورعه رحمه الله: والمقصود بالزهد: خلو القلب من الدنيا وعدم الحرص عليها، فليس الزهد نفض اليدين منها والقلب متعلق بها شديد الشغف بحبها.
قال يحيى بن نصر بن حاجب: سمعت ورقاء بن عمر يقول: إن الثوري لم ير مثل نفسه.
قال وكيع: سمعت سفيان يقول: ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن، ولكنه قصر الأمل، وارتقاب الموت.
وعن عيسى بن يونس قال: مات سفيان الثوري مستخفياً، قد جمع قميصه خريطة قد ملأها كتباً.
أي: كتابة.
وعن شعيب بن حرب قال: قال لي الثوري: يا أبا صالح! احفظ عني ثلاثاً: إذا احتجت إلى شسع -وهو رباط النعل- فلا تسأل، وإذا احتجت إلى ملح فلا تسأل، واعلم أن الخبز الذي تأكله بملح عجن، وإذا احتجت إلى ماء فاستعمل كفّيك فإنه يجري مجرى الإناء.
وقال أبو قطن: عن شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم.
وعن أبي السري قال: قيل لـ فضيل بن عياض عما كان يذهب إليه من الورع: من إمامك في هذا؟ قال: سفيان الثوري.
أُهدي لـ سفيان ثوبٌ فرده، فقال له من أهداه: لست أنا ممن يسمع الحديث حتى ترده عليّ.
قال: علمت أنك لست ممن يسمع الحديث، ولكن أخاك يسمع مني الحديث، فأخاف أن يلين قلبي لأخيك أكثر مما يلين لغيره.
وعن قتيبة بن سعيد قال: لولا سفيان لمات الورع.
وعن عبد العزيز القرشي قال: سمعت سفيان يقول: عليك بالزهد يبصّرك الله عورات الدنيا، وعليك بالورع يخفف الله عنك حسابك، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك.
وقال العمري: معاشر القراء! كلوا الدنيا فقد مات سفيان الثوري.
وعن حفص بن غياث وذكر الثوري فقال: كان يتعزى بـ سفيان وبمجالس سفيان عن الدنيا.
وعن يحيى بن اليمان قال: كان سفيان الثوري يتمثل بهذا البيت: باعوا جديداً جميلاً باقياً أبداً بدارس خلق يا بئس ما اتجروا أي: باعوا الآخرة بالدنيا.