درر من أقواله رحمه الله: عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال: إن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيته بينك وبين معصيته، فتلك الخشية.
يعني: ليست الخشية أن يرق الإنسان فيبكي؛ لأن هذه الرقة قد توجد في الممثلين والمنافقين، وقد توجد كثيراً في النساء؛ لأن النساء قد يبكين أكثر من الرجال، ومع ذلك فإن النساء أكثر أهل النار، فهذا البكاء ليس هو الخشية، ولكن الخشية أن يمنع الإنسان خوفه لله عز وجل من الوقوع في المعصية.
وقال: الذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن.
وعن حبيب بن أبي ثابت قال: قال لي سعيد بن جبير: لأن أنشر علمي أحب إلي من أن أذهب به إلى قبري.
ولهذا قالوا: ليس للعالم أن يضيع نفسه، وأن يكون في مكان لا يُعرف فلا يُسأل ولا يتعلم منه، فالإنسان قد يُخبر عما عنده من العلم من أجل أن يستفاد منه، كما قال علي بن أبي طالب: إن هاهنا علماً -وأشار بيده إلى صدره- لو أصبت له حملة.
فيجوز للإنسان أن يخبر عما عنده من العلم ليس تكبراً، ولكن من أجل أن يستفاد منه.
وعن هلال بن خباب قال: قلت لـ سعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم.
وعن عمر بن حبيب قال: كان سعيد بن جبير بأصبهان لا يحدث، ثم رجع إلى الكوفة فجعل يحدث.
فقلنا له في ذلك.
فقال: انشر بزك حيث تُعرف.
البز: هو القماش أو ما يتاجر فيه، فهو يحدث في وطنه لأنه معروف.
وعن عبد الملك بن سعيد بن جبير قال: قال أبي: أظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه عناء، وإياك وما يُعتذر منه فإنه لا يُعتذر من خير.
وعن عبد الكريم عن سعيد بن جبير قال: لأن أُضرب على رأسي أسواطاً أحب إليّ من أن أتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة.
وعن أيوب قال: حدث سعيد بن جبير بحديث، فتبعته أستزيده - أي: يريد أن يسمع منه حديثاً آخر أو أحاديث - فقال: ليس كل حين أحلب فأشرب.
ويؤخذ من هذا أن طالب العلم عليه أن يتأدب مع شيخه، وليس في كل وقت يطلب منه، ولكنه ينتهز فرصة راحة باله ثم يطلب منه، أو إذا تكلم يسجّل كلامه.
وعن جعفر عن سعيد قال: من عطس عنده أخوه المسلم فلم يشمته - أي: لم يقل له: يرحمك الله - كان ديناً يأخذه به يوم القيامة.