إمارة على الحكم ودلالة عليه، ولا بد في رد الفرع إلى الأصل من علة تجمع بينهما، ويلزم أن يدل دليل على صحتها لأن العلة شرعية كما أن الحكم شرعي، فكما لا بد من الدلالة على الحكم فكذلك لابد من الدلالة على العلة، والذي يدل على صحة العلة شيئان: أصل واستنباط، فأما الأصل فهو قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وإجماع الأمة، فأما قول الله وقول رسوله فدلالتهما من وجهين: أحدهما من جهة النطق، والثاني من جهة الفحوى والمفهوم، فأما دلالتهما من جهة النطق فمن وجوه بعضها أجلى من بعض، فأجلاها ما صرح فيه بلفظ التعليل،.. عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بودان أو بالأبواء حماراً وحشياً فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بوجهه قال: "إنا لم نرده عليك إلا أننا حرم" فبين النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول المعنى الذي لأجله رده، ليعلم أن اصطياد المحرم وما صيد له وأهدي إليه بمنزلة واحدة..، ويليها في البيان أن يعلق الحكم على عين موصوفة بصفة وقد يكون هذا بلفظ الشرط كقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] فالظاهر أن حمل المرأة على وجوب النفقة، وقد يكون بغير لفظ الشرط كقول الله تعالى: {والسَّارقُ والسَّارِقةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} [المائدة: 38] ظاهر أن السرقة على وجوب القطع، وأما دلالتها من جهة الفحوى والمفهوم فمن وجوه بعضها أجلى من بعض أيضا، فأوضحها ما دل عليه بالتنبيه كقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015