الأصل في الأعيان المذكورة في دليل ما أنها مرادة ومقصودة لذاتها فلا يلحق بها غيرها، ولا يقال أنها خرجت مخرج الغالب ولا الحصر إلا بدليل يدل على أنها خرجت مخرج الغالب، وكذلك لا يقال: أن تعيينها إنما هو للتنبيه على غيرها إلا إذا جاء دليل يدل على ذلك، مثاله: حديث أبي موسى ومعاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما حين أرسلهما إلى اليمن: "لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر". أخرجه البيهقي "4/125" وصححه الألباني في الإرواء "801".
ففي هذا الحديث تخصيص الزكاة بأربعة أشياء مما يخرج من الأرض، فلا يلحق بها غيرها، قال أبو عبيد في كتاب الأموال "575": إلا أن الذي اختار من ذلك الاتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لا صدقة إلا في الأصناف الأربعة التي سماها، وسنها مع قول من قاله من الصحابة والتابعين، ثم اختيار ابن أبي ليلى، وسفيان إياه. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خص هذه بالصدقة وأعرض عما سواها، قد كان يعلم أن للناس أموالاً مما تخرج الأرض، فكان تركه ذلك عندنا، عفواً منه، كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق وإنما يحتاج إلى النظر والتشبيه والتمثيل إذا لم توجد سنة قائمة، فإذا وجدت السنة لزم الناس اتباعها. انتهى.