يخصص العام، فكذلك الآحاد يخصص العام، وكما أن المتواتر مقدم على القياس، فكذلك الآحاد مقدم على القياس، وعلى هذا جرى عمل السلف الصالح فإنهم كانوا لا يفرقون في شيء من القواعد والأحكام بين المتواتر والآحاد، بل التفريق بين المتواتر والآحاد بدعة حدثت بعدهم، فقد أخذ الصحابة بقول الواحد في النسخ وذلك لما كانوا في الصلاة تجاه بيت المقدس وأخبرهم شخص واحد بأن القبلة تحولت إلى الكعبة فتحولوا وهم في الصلاة.

قال الشوكاني في إرشاد الفحول "236" بعد أن ذكر أن الآحاد يخصص عموم المتواتر: واحتج ابن المسمعاني على الجواز بإجماع الصحابة فإنهم خصوا قوله تعالى: {يُوصَيكُمُ الله فِي أوْلادِكُمْ} [النساء: 11] بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنا معشر الأنبياء لا نورث" وخصوا قوله "فاقْتُلُوا المشْرِكِينَ" بخبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس وغير ذلك كثير، وأيضا يدل على جواز التخصيص دلالة بينة واضحة ما وقع من أوامر الله عز وجل باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تقييد فإذا جاء عنه الدليل كان اتباعه واجبا وإذا عارضه عموم قرآني كان سلوك طريقة الجمع ببناء العام على الخاص متحتما ودلالة العام على أفراده ظنية لا قطعية فلا وجه لمنع تخصيصه بالأخبار الصحيحة الآحادية، وقد استدل المانعون مطلقا بما ثبت عن عمر رضي الله عنه في قصة فاطمة بنت قيس حيث لم يجعل لها سكنى ولا نفقة كما في حديثها الصحيح، فقال عمر: كيف نترك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015