التعصب، وأدناه من عقولهم البُعد عن الإنصاف فلا بأس بذلك، وإلاّ فدعوى التجوز مردودة مضروب بها في وجه صاحبها، فاحرص على هذا فإنه وإن وقع الاتفاق على أصالة المعنى الحقيقي وعدم جواز الانتقال عنه إلا لعلاقة وقرينة كما صُرح به في الأصول وغيرها، فالعمل في كتب التفسير والحديث والفقه يخالف هذا لمن تدبره وأعمل فكره. ولم يغتر بالظواهر ولا جمد على قبول ما يُقال من دون بحث عن موارده ومصادره. وكثيراً ما تجد المتعصبين يحامون عن مذاهبهم ويؤثرونها على نصوص الكتاب والسنة. فإذا جاءهم نص لا يجدون عنه متحولاً وأعياهم رده وأعجزهم دفعه. ادعوا أنه مجاز وذكروا للتجوز علاقة هي من البعد بمكان، وقرينة ليس لها في ذلك المقام وجود ولا تدعو إليها حاجة. وأعانهم على هذه الترهات استكثارهم من تعداد أنواع القرائن والعلاقات، حتى جعلوا من جملة ما هو من العلاقات المسوّغة للتجوز التضاد، فانظر هذا التلاعب، وتدبر هذه الأبواب التي فتحوها على أدلة الكتاب والسنة. وقَبِلَها عنهم من لم يمعن النظر ويطيل التدبر فجعلها علماً وقبلها على كتاب الله وسنة رسوله. وأصلها دعوى افتراها على أهل اللغة متعصب قد آثر مذهبه على الكتاب والسنة، ولم يستطع التصريح بترجيح المذهب على الدليل، فدقّقَ الفكر وأعمق النظر فقال: هذا الدليل وإن كان معناه الحقيقي يخالف ما نذهب إليه فهو ههنا مجاز والعلاقة كذا والقرينة كذا، ولا علاقة ولا قرينة. فيأتي بعد عصر هذا المتعصب من لا يبحث عن المقاصد ولا يتدبر المسالك كما ينبغي فيجعل