عن الطرق البدعية، فلا يجوز أن يقال إنه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة، فإنه قد علم بالاضطرار والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان ما لا يحصيه إلا اله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية، التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع البدعي.، فلا يمكن أن يقال: إن العصاة لا يمكن توبتهم إلا بهذه الطرق البدعية، بل يقال: إن في الشيوخ من يكون جاهلاً بالطرق الشرعية عاجزاً عنها، ليس عنده علم بالكتاب والسنة، وما يخاطب به الناس، ويسمعهم إياه، مما يتوب الله عليهم، فيعدل هذا الشيخ عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية، إما مع حسن القصد إن كان له دين، وإما أن يكون غرضه الترؤس عليهم، وأخذ أموالهم بالباطل. انتهى.
قلت: ويشكل على بعض الناس عند ذكر هذه القاعدة أن هناك أمور استجدت تستخدم في دعوة الناس لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، واتفق العلماء على استحباب استعمالها في دعوة الناس إلى عبادة ربهم "كالشريط" وما إلى ذلك.
والجواب عن هذا الإشكال: أن المراد بهذه القاعدة هو أن يكون المقتضي موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليس هناك مانع يمنع منه، ومع ذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فيكون استعماله بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم بدعة، "فالشريط" مثلاً كان هناك مانع يمنع منه، وهو عدم استطاعة إيجاده، وعليه فلا يدخل في هذه القاعدة، كما سيأتي بيانه من كلام شيخ الإسلام في قاعدة المصلحة المرسلة