النص العام الوارد بخصوص سبب من الأسباب، فإنه يعمل به على عمومه ولا يخصص بذلك السبب، وعلى هذا جرى فهم الصحابة رضوان الله عليهم، فقد سأل قوم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يركبون البحر ومعهم ماء لا يكفي إلا للشرب فقال: "هو الطهور ماؤه".
وقد أفتى بهذا العموم جمع من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وابن عباس مع أن العموم كان وارداً على سبب وهو حاجتهم إلى الماء للشرب إذا ركبوا البحر.
قال الشوكاني في إرشاد الفحول "201": وهذا المذهب هو الحق الذي لا شك فيه، لأن التعبد للعباد إنما هو باللفظ الوارد عن الشارع وهو عام ووروده على سؤال خاص لا يصلح قرينة لقصره على ذلك السبب ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة ولم يأت أحد من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلح لذلك، وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصر ذلك العام الوارد فيه على سببه لم يجاوز به محله بل يقصر عليه، ولا جامع بين الذي ورد فيه بدليل يخصه وبين سائر العمومات الوردة على أسباب خاصة حتى يكون ذلك الدليل في الموطن شاملاً لها. انتهى.