لا شك أن السلف الصالح أفهم لدلالة الكتاب والسنة، فإذا جاء نص عام ولم يعمل السلف بذلك النص على عمومه وإنما عملوا ببعض أفراده فلا يشرع العمل به على عمومه إذ لو كان يشرع العمل على عمومه لسبقنا السلف الصالح إلى ذلك، قال الشاطبي في الموافقات "3/56" كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون معمولا به في السلف المتقدمين دائماً، أو أكثريا، أو لا يكون معمولا به إلا قليلا أو في وقت ما، أو لا يثبت به عمل، فهذه ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون معمولاً به دائما أو أكثريا، فلا إشكال في الاستدلال به، ولا في العمل على وِفْقِه، وهي السنة المتبعة والطريق المستقيم، كان الدليل مما يقتضي إيجاباً أو ندباً أو غير ذلك من الأحكام، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله في الطهارات والصلوات على تنوعها من فرض أو نفل، والزكاة بشروطها والضحايا، والعقيقة، والنكاح، والطلاق، والبيوع، وسواها من الأحكام التي جاءت في الشريعة وبينها عليه الصلاة