الصحابة استدلوا على فساد نكاح الشغار بالنهي عنه فهو من الفساد ليس من الصلاح فإن الله لا يحب الفساد ويحب الصلاح، ولا ينهى عما يحبه وإنما ينهى عما لا يحبه، فعلموا أن النهي عنه فاسد ليس بصالح، وإن كانت فيه مصلحة فمصلحته مرجوحة بمفسدته. انتهى.
قلت: وهذه المسألة تحتاج إلى بيان أمور:
- الأمر الأول:
ما نهي عنه على الدوام وتعلق في بعض الأوقات بفعل مأمور به، فهذا لا يدخل في قاعدة "النهي يدل على الفساد" ويكون الفعل المأمور صحيحا، ومثاله: لبس الحرير منهي عنه والصلاة مأمور بها، فلو صلى شخص وعليه ثوب حرير لم تبطل صلاته، لأن النهي عن لبس الحرير ليس متعلق بالصلاة، بل هو نهي على الدوام والإطلاق، لكن لو جاء النهي في الشرع عن الصلاة في الثوب الحرير، لبطلت صلاة من صلى في ثوب حرير.
- الأمر الثاني:
لا فرق في فساد المنهي عنه بين أن يكون لذاته أو لغيره، وذهب الحنفية والشافعية إلى التفريق بين أن يكون المنهي عنه لذاته فهو فاسد وبين أن يكون لغيره فهو غير فاسد، وقد ردَّ شيخ الإسلام على هذا التقسيم فقال كما في مجموع الفتاوى "29/288": فالجمع بين الأختين نهي عنه لإفضائه إلى قطيعة الرحم، والقطيعة أمر خارج عن