القاعدة الرابعة: لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع

قال الشوكاني في إرشاد الفحول "407": ومن شروط الترجيح التي لا بد من اعتبارها أن لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه مقبول فإن أمكن ذلك تعين المصير إليه ولم يجز المصير إلى الترجيح. انتهى.

قلت: وذلك لأن الجمع فيه إعمال الدليلين، والترجيح فيه إعمال لواحد من الدليلين على الآخر، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، قال ابن حزم في الإحكام "1/161": إذا تعارض الحديثان، أو الآيتان، أو الآية والحديث، فيما يظن من لا يعلم، ففرض على كل مسلم استعمال كل ذلك، لأنه ليس بعض ذلك أولى بالاستعمال من بعض، ولا حديث بأوجب من حديث آخر مثله، ولا آية أولى بالطاعة لها من آية أخرى مثلها، وكل من عند الله عز وجل، وكل سواء في باب وجوب الطاعة والاستعمال ولا فرق. انتهى.

وقال الشنقيطي في أضواء البيان "2/407": الجمع واجب إذا أمكن وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة. انتهى.

قلت: ووجوه الجمع عديدة: فمنها أن يحمل الأمر على الندب، وأن تحمل الواقعة على التعدد، وأن يحمل اللفظ على غير معناه الأصلي كحمل "الواو" على معنى "ثم" لإرادة الترتيب، وأن يؤول أحد الدليلين. إلى غير ذلك من أوجه الجمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015