أدلة الكتاب والسنة لا تعارض فيما بينها في حقيقة الأمر، ولكن التعارض يكون في ظاهرهما يقول الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: 82] فإذا جاء دليلان أحدهما معارض للآخر فإما أن يجمع بينهما وإما أن يصار إلى الترجيح، ولا يقال: إذا تعارضا تساقطا، لأن الأدلة لا تسقط أبدا، ووجوه الترجيح كثيرة جداً ذكرها العلماء في مصنفاتهم فمن لم يستطع الترجيح فلا يرد الأدلة بحجة التعارض بل يرجع إلى نفسه ويتهمها بالقصور في الفهم، وإلا فأين الدليلان الذين لا يمكن ترجيح أحدهما بهذه المرجحات الكثيرة، يقول الشافعي في الرسالة "216": ولم نجد حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج أو على أحدهما دلالة بأخذ ما وصفت إما بموافقة كتاب أو غيره من سنته أو بعض الدلايل. انتهى.
وقال الشوكاني في إرشاد الفحول "407": الترجيح بين المتعارضين لا في نفس الأمر بل في الظاهر وقد قدمنا في المبحث الأول أنه متفق عليه ولم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد به ومن نظر في أحوال الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم وجدهم متفقين على العمل بالراجح وترك المرجوح. انتهى.