"الخامس" أن يكون لكمال علمه باللغة ودلالة اللفظ الذي انفرد به عنا، أو لقرائن حالية اقترنت بالخطاب، أو لمجموع أمور فهموها على طول الزمن من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدة أفعاله وأحواله وسيرته والعلم بمقاصده فتكون فتواه حجة.
ومن تلك الأوجه: أن الأرض لا تخلوا من قائم لله بحجة فلو جاز أن يخطئ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الأمة قائم بالحق في ذلك الحكم.
ومن تلك الأوجه: أنه لم يزل أهل العلم في كل عصر ومصر يحتجون بفتاواهم وأقوالهم ولا ينكره منكر منهم وتصانيف العلماء شاهدة على ذلك..، فأي كتاب شئت من كتب السلف والخلف المتضمنة للحكم والدليل وجدت فيه الاستدلال بأقوال الصحابة ولم تجد فيها قط - ليس قول أبي بكر وعمر حجة - ولا يحتج بأقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاويهم.
فإن قيل: لو كان قوله حجة بنفسه لما أخطأ ولكان معصوماً فإذا كان يفتي بالصواب تارة وبغيره أخرى فمن أين لكم أن هذه الفتوى المعينة من قسم الصواب. قيل: الأدلة المتقدمة تدل على انحصار الصواب في قوله في الصورة المفروضة الواقعة وهو أن من الممتنع أن يقولوا في كتاب الله الخطأ المحض ويمسك الباقون عن الصواب فلا يتكلمون به فهذا هو المحال وبهذا خرج الجواب عن قولكم لو كان قول الواحد منهم