جاء في صحيح البخاري من حديث سَمُرة بن جندب رضي الله عنه -والحديث صحيح، حديث الرؤية الطويل- قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة الفجر أقبل علينا بوجهه وقال: من رأى منكم رؤيا البارحة؟ فإن رأى أحد منا شيئاً قصه، فقال صلى الله عليه وسلم يوماً: أما أنا فقد رأيت البارحة) وذكر الحديث الطويل أنه جاءه رجلان فأخذاه وقالا له: انطلق، فانطلق معهما ورأى عدة مشاهد، ومن ضمن هذه المشاهد مشهد يتعلق بالكذب، وهو: (قال: أتاني رجلان، فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة، فإذا رجل جالس ورجل قائم وبيده كلّوب من حديد يدخله في شدقه -الشدق طرف الفم- فيشرشره حتى يبلغ به قفاه - أي: يمزقه- ثم يفعل ذلك بشدقه الآخر) أي: يُغلق الكلّوب ويربطه في طرف شدقه ثم يشرشر فاه حتى يبلغ قفاه، ثم لا ينتهي حتى يعود إلى الآخر فيجده قد صح فيصنع به كما صنع بالأول، ثم إذا انتهى انتقل إلى الآخر: (فقلت ما هذا؟ قالا لي: انطلق فانطلقت معهما) يقول في آخر المشاهد: (قالا له: أما الرجل الذي رأيته يشرشر شدقه بالكلّوب فهو الرجل يكذب الكذبة تبلغ الآفاق) .
أي أن هذا الرجل مصنع للكذب، يُورد للأمة الكذب، ويصدره لهم وينشرونه، وتروج الأراجيف والأكاذيب بين الناس، وأصلها من هذا الرجل، فهذا عذابه في النار، أعاذنا الله وإياكم من النار.