كان الكلام في الماضي عن أسباب عذاب القبر، ولكن لما تكلمنا في الندوة الماضية على بعض الأسئلة فإذا بها تزداد كل يوم، وعليه فلن نستطيع أن نتقدم في الدرس الرئيسي لنا، فلابد الآن من أخذ جزء كبير من وقت الدرس في الموضوع، ثم نجيب إن شاء الله على ما نعرف منها في نهاية كل حلقة.
كنا قلنا في الماضي: أن هناك أسباباً كثيرة لعذاب القبر، وهي سبعة أسباب وردت بها السنة، وهناك على العموم أسباب كثيرة يستوجب بها الإنسان عذاب القبر، منها أو من أعظمها: الجهل بالله، والإعراض عن دين الله، والتصدي لأولياء الله هذه كلها أسباب تهلك الإنسان في الدنيا والآخرة، وهناك أسباب خاصة وردت بها السنة تبين أن ارتكابها سببٌ موجبٌ لعذاب القبر، وذكرنا منها سببين: السبب الأول: المشي بالنميمة بين الناس.
السبب الثاني: عدم الاستنزاه والاستبراء من البول، ودليلها واضح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين: أنه مر على قبرين، فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس، فأخذ جريدة رطبة وشقها نصفين، ثم غرز على كل قبر نصفاً، وقال: إنه ليخفف عنهما ما لم ييبسا) وقلنا: إن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه قد أوحي إليه عما يتعذب به هذان الرجلان، وأوحى الله إليه أن ذلك يمكن أن يُخفف به عنهما، أما غيره فلا يعرف لأن الوحي قد انقطع، ولا سبيل إلى معرفة ما يجري في القبور.