Q عملت كثيراً من الفواحش، وفهمت منك أن المعاصي إذا كثرت لا يغسلها إلا النار، وأنا تبت إلى الله والتزمت وربيت لحيتي وقصرت ثوبي والحمد لله ندمت على كل عمل كنت أعمله؟
صلى الله عليه وسلم أقف هنا عند قوله: ربيت لحيتي وقصرت ثوبي، أرجو أن لا يفهم الإخوة أن مجرد الالتزام هو هذان الأمران؛ تربية اللحية وتقصير الثوب، هذا من الالتزام، لكن ليست كل الالتزام؛ لأن من الشباب من يلتزم بهذين الأمرين ثم إذا جئت تفتشه تجد عنده من العظائم ما لا يعلمها إلا الله، فهذا يخدع نفسه والناس، ويضلل على الناس أنه ملتزم لحية طويلة وثوب قصير لكن عمله فاسد، لا.
نحن نريد التكامل في حياة المسلم والشاب الملتزم، نريد لحية معفاة وثوباً قصيراً، وأيضاً يكون عنده حساسية في كل الأوامر والنواهي، أما أن يهمل هذه الأوامر، ويضلل الناس بهذه، ويضلل نفسه؛ لأنه إذا رأى نفسه هكذا قال: أنا من الملتزمين، لكن الغيبة يأكل بها حتى يموت، وإذا هو في الليل وليس ثمة أحد قام يسمع الأغاني لوحده، وثوبه قصير ولحيته طويلة ويسمع الأغاني، وإذا دخل عليه شخص أغلق الراديو لماذا؟ لأن الناس سوف يقولون: لماذا تسمع الأغاني وأنت مطوع؟! فهو يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله، يخاف من الناس ولا يخاف من الله، إذا مشى في الشارع تلفت هل أحد يراه، إن كان رأى أحداً مشى معتدلاً، وإن كان لا يوجد أحد فتح عيونه في النساء، ولحيته طويلة وثوبه قصير، هذا يضلل نفسه ويضلل الناس، نريد التكامل -يا إخواني- لا نريد أن يفهم من الدين أنه الظاهر فقط، ونحن لا نقلل من شأن الظاهر، الظاهر له أهميته في الدين، لكن المعول على الباطن، إنما ينظر إلى البواطن لا إلى الظواهر، الله عز وجل ينظر إلى الأعمال كلها متكاملة، من تخدع، يمكن أن تضلل الناس في الدنيا وتخدعهم وتقول أنك وأنك، لكن ربك يعرف ماذا في قلبك، إي نعم.
يقول الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32] .
والتقوى عمل قلبي هنا موجود في الصدر، ولا يعني هذا أن يأتي شخص من الناس يحلق لحيته ويطول ثوبه ويقول: التقوى هاهنا، نقول: لا ما هنا التقوى؛ لأنه هناك مثل يقول: "من خش في المزقف تبادى على الضيف" وإذا وجدت كرامة في المطبخ تحصل وتخرج على الضيف، لكن إذا هنا إيمان يخرج على الناس، وإذا هنا نفاق يخرج على الناس، التقوى هاهنا وآثارها على الجوارح، أما التقوى هاهنا واللحية محلوقة، والدخان في جيبك، وشريط محمد عبده وشيطانه في جيبك وفي سيارتك، ووتنام إلى الساعة السابعة ولا تصلي الفجر في المسجد، ثم تقوم تغسل وتنقر أربع ركعات، اثنتين اثنتين وتذهب تصلي ووجهك أغبر وعيونك معمشة وربك ساخط عليك والشيطان قد بال في أذنيك، وتقول: التقوى هاهنا، فليس هنا تقوى، وما هنا إلا فسق، وعدم خوف من الله تبارك وتعالى.
فأخونا هذا يقول: إنه تاب، فجزاه الله خيراً.