وألقوا إليه كتابها قرأه، وعرف ما سألته عنه ودعا بالجن والأنس ودعا بالوند، وقال: من
يميز بين الغلمان والجواري ولا ينزع ثيابهم؟ فأعلموه انهم لا علم لهم بذلك، وكذلك يميزا، وجميع ما سألته عنه فقالوا: لا علم لنا بشيء من ذلك. فاشتد إعجابه من ذلك بما سألته عنه، فمكث أياماً يقلب الأمر فيما سألته عنه حتى أطلعه الله على علم ما سألته من حكمته، فدعا بالغلمان والجواري، وأمر بطشت فيه ماء، ودعاهم واحداً بعد واحد، وقال اغلوا أيديكم، فكان من غسل من الغلمان حدر الماء من يده حدراً، ومن غسل من الجواري يصببن الماء صعداً، فيميزهم على ذلك. ودعا بالخيل فقال نتجت في يوم واحد، وهذا خال هذا، وهذا عم هذا، وهذا أبن عم هذا حتى فرغ منهن. والوفد ينظرون في كتابهم، والتعيين في علاماتهم، ثم دعا بالخرزة التي لم تثقب. فوضعها بين يديه، قال لمن حضر: من يثقب هذه الخرزة؟ فتكلمت دودة بين يديه فقالت: يا سليمان، يا نبي الله، أنا أثقبها على أنْ يجعل رزقي في الخشب: نعم. فلزمت الدودة الخرزة حتى خرجت من الجانب الآخر في ثلاثة أيام، ثم انطلقت لرزقها، ثم دعا بالحق فحركه، ثم قال: فيه عدد كذا وكذا من الجواهر، ومن الزمرد كذا وكذا، ومن الياقوت الأحمر كذا وكذا، والأصفر كذا وكذا، والأبيض والأسود، حتى فرغ من جميع ذلك، والوفد ينظرون. ثم دعا بالخرزة التي ثقبها ملتو فقال لمن بحضرته: أيكم يأخذ هذه الخرزة الملتو ثقبها، فيدخل فيها خيطاً؟ فأجابته دودة: على إنَّ يكون في الفصفصة معيشتها. قال: كل ذلك لك. فأخذت خيطاً في فمها ودخلت به، حتى خرجت