يحفها الزرع والماء المحيط بها ... مع المواقير من نخل ومن عنب
ما بنها الخيل من طرف ومن تلد ... والجود فيها من الأنعام والكسب
وكل بيضاء تحكي الشمس ضاحكة ... هيفاء من موصوفة العرب
يمضي جمادي ويأتي بعده رجب ... وسوف آتيك على الميعاد من رجب
حتى أوافي خير الجن من عرم ... أعني أبن صعب هو المعروف باليلب
نبغي لديه الذي نادي ومن به ... من التواصل والإصهار والنسب
قال: فذكروا أنْ الهدهاد خرج إلى المياد إلى إصهار في خاصة قومه وخدمه، حتى وافاهم، فوجدوا قصرا بناه له الجن في فلاة من الأرض محفوفة بالنخيل والأنعام وأنواع الزرع وفنون الفواكه، تخترق فيها المياه الجارية. فعجب القوم من ذلك عجبا شديدا، ورأوا ملكا عظيما، ونزلوا في القصر معه على فراش لم يروا مثلها قط، وقربت لهم موائد عليها من طيبات المأكول وألوانه التي لم يأكلوا قط أطيب منها طعما، ولا أذكى رائحة، وسقوا من الشراب ما لم يشربوا قط ألذ ولا أهضم وأمرا ولا أخف عنه، فمكثوا معه ثلاثة أيام بلياليها في ذلك، وزفت إلى الهدهاد أمرأته الحروري ابنة اليلب بن صعب العرمي ملك الجن، فأذن الهدهاد لبني عمه وخاصة عشيرته بالانصراف إلى مواضعهم، وصار ذلك القصر دار مملكته، قال فذكروا أنها أقامت معه زمانا: الحروري ابنة اليلب، فولدت له بلقيس، فنشأت من أعقل امرأة سمع بها في ذلك الزمان، وأفضله رأيا وحلما وتدبيرا وعلما. وكانت ذات المشورة على أبيها، حتى عرف