يسلم إلى يد ما ملكت، فيكون بذلك عملكما، وعليه تحافظكما، فإذا حان من أحدكما ما حان مني فليرد الأمر بهذه الوصية إلى الغابر، وليردده الغابر إلى من غبر بعده بمثل ذلك، إلى أنْ يقوم من بني الصوار من يجتمعون عليه، ويسلمون إليه عن تسارع، كما أخذتموه عن تراض. والسلام
ثم ملك علهان ونهفان فأحسنا السيرة، وأمتثلا ما وصاهما به أبوهك، حمير سبق الموت بنهفان، واستقر بالملك علهان، فأقل أعباءه، واضطلع بجمله، وسار سيرة من سلفه، حمير ألم به ما ألم بهم، فأوصى إلى أبن أخيه شهران، وقال:
إني لم أخصك بالملك دون أبني أيمن لأجل أنك تزيد عليه في الفضل أو تسبقه في نجدة. وكلنني أحببت أنْ أصل ما طوته الأيام من عمر أبيك دون ما بقى من عمري. وإني أوصيك يا بني بالكف عن المعصية، والإحسان إلى الرعية، فإذا أنعمت فأنعم، وإذا كويت داء العر فاحسم، وإذا أدمت المكايد فاحسم، وإذا غضبت
فاكظم، وإذا أساء إليك من هو دونك فاحلم، وإذا سئلت مما في يدك فأكرم، وإذا أعنت الحرب فلا تغشها إلاّ عن مقدمات فإنّها غاية شر، لا تنجلي إلاّ بذهاب نفوس، فتوق أشد ما قدرت، فإذا حملت عليها فليكن أمرك دونهم
ثم ملك شهران بن نهفان فأوسع الناس رغبة ورهبة وشملهم عدله، وأقام فيهم سلطانه فرهبوا، وأمر ببناء ما حول ناعط من القصور وابتنى تلفم وأمر بتزبير أيامهم في حجارة القصور، واستعمل ابنه تألب ريم في أرض حمير، ثم كتب له كتاباً نسخته: